الأحوال الاقتصادية في مدينة الحلة منذ عام 495هـ وحتى نهاية القرن الثامن الهجري وأثارها في بناء مدينة الحلة

المؤلفون

  • ظاهر ذباح الشمري

الكلمات المفتاحية:

دراسات انسانية، تاريخ اسلامي

الملخص

شهدت مدينة الحلة منذ تأسيسها ازدهارا في مختلف مجالات الحياة، ويتناول البحث دراسة بعض الجوانب الاقتصادية التي نعمت بها الحلة والملاحظ ان جل الدراسات الأكاديمية قد اهتمت بالجوانب السياسية والفكرية وابتعدت عن الدراسات الاقتصادية لقلة مصادرها. اتبعنا في دراستنا لهذا الموضوع منهج التحليل والاستنتاج ومنهج الدراسة التاريخية لمعرفة الكثير عن تاريخ المدينة والتي أسست على يد الأمير صدقة بن منصور بن دبيس بن مزيد الأسدي بعد أن أنتقل من إمارة النيل(1)التي تقع في الجانب الشمالي من مدينة الحلة، ويعد هذا الانتقال حدثاً مهماُ في حياة الأمارة المزيدي ذلك لرغبته في الابتعاد عن منطقة النيل التي سادتها الفتن والاضطرابات ، ولم تكن تتلاءم مع طموحاته في توسيع المناطق التي يرغب السيطرة عليها ويأتي أسم الحلة بعدة معاني منها القوم النزول وفيهم كثرة وجمعهم حلال(2)، وهي مدينة عريقة ومشهورة وكانت مقام سلاطين من قبيلة بني مزيد وعصر خلافة بني العباس وتقع على نهر الفرات ويقسمها الى قسمين(3)، وكان المكان الأول لتأسيس مدينة الحلة ، محلة الجامعين الحالية ، ولقد وقع اخيارنا على هذا الموضوع كونه لم يطرق سابقاً بهذه الطريقة وإظهار الأهمية الاقتصادية ، ولابد من التأكيد على بعض العوامل التي أعطت مدينة الحلة أهمية عند الذين كتبوا عنها مثل قربها من مدينة بابل ذات العمق التاريخي والموقع الجغرافي المتميز بين بغداد والبصرة ومناطق الفرات الاعلى فضلاً عن المكانة العلمية (4) ووجود الكثير من القبائل العربية المحيطة بها من كل الجهات مما مكنها أن تتبوأ مركزاً أقتصادياً لتلك القبائل(5)، ولا بد أن يؤخذ بالحسبان الموقع العسكري لهذه المدينة حيث مكنها هذا الموقع من مواجهة التحديات الخارجية(6)، إن اختيار صدقة بن مزيد مقره في منطقة الجامعين التي تقع في الجانب الغربي من نهر الفرات يشير إلى إن الآجام* كانت من الأماكن المفضلة للثوار(7) وقد أعطت هذه المزايا مدينة الحلة مكانةًً مرموقةً في نظر من زارها، حيث ذكر بارسنز (Parsons) عندما زارها عام 1188هـ-1774 م:(( إن مدينة الحلة توازي في أهميتها مدينة بغداد حتى سميت بغداد الصغرى(8) (Little Baghdad) وتعد مدينة الحلة وريثة مجد بابل التي لعبت دوراً حضارياً وأصبحت مركزاً سياسياً ومصدراً اقتصاديا مهماً(9)، وقدرتها البشرية من حيث عدد السكان جعل جميع من أستوطن هذه المدينة من القادةً والولاةً أن يتخذها مقراً له(10). تعد دراسة عوامل تأسيس المدن ذات أهمية كبيرة لدى الباحثين للاطلاع على ماهية تلك العوامل ، لاسيما إن لكل مدينة* عاملا او أكثر لاختيار ذلك المكان الذي بنيت على أساسه تلك المدينة وكان العامل الاقتصادي من أهم العوامل التي دفعت صدقة بن مزيد لبناء مدينة الحلة ، فالموضع على ضفاف شط الحلة أدى ان تكون للمدينة أراضٍ خصبة تمتد الى مساحات كبيرة استفادت من الارواء السيحي ، وقد أفاض المؤرخون والبلدانيون العرب في ذكر الاراضي الزراعية التي تحيط بمدينة الحلة ، وهنا تبرز نظرة صدقة بن مزيد الاقتصادية في اختيار ذلك المكان حيث اراد ان تكون مدينته في موقع يتميز عن غيره بالمواصفات التي امتاز بها موقع مدينة الحلة . وتأتي أهمية البحث في كونه اهتم بدراسة الاحوال الاقتصادية في مدينة الحلة منذ تأسيسها عام 495هـ وحتى نهاية القرن التاسع الهجري حيث يعد العامل الاقتصادي ذا علاقة مهمة في بناء الكثير من المدن وتطورها ، وان دراسة هذا الجانب له مساس كبير لمعرفة أهمية العوامل الاقتصادية التي شجعت صدقة لاختيار الجامعين المكان الأول لبناء مدينة الحلة وتطورها ، والبحث هو محاولة لمعرفة تأثير العوامل الاقتصادية وتوضيح رؤية صدقة حول اختيار هذا المكان ، وكيف ساعدت الأحوال الزراعية والتجارية والصناعية الأمير المزيدي لاتخاذها بديلاً عن النيل منازل أجداده والتي أصبحت لها أهمية كبيرة في مجالات الحياة المختلفة مما أعطتها دوراً سياسياً واقتصادياً بارزاً ، ولذلك نراها أصبحت من الحواضر العربية الإسلامية التي ساهمت بشتى الوسائل في القضاء على الاحتلال السلجوقي للعراق من خلال دورها الاقتصادي . وقد اتبعنا في دراستنا منهج التحليل والاستنتاج ، هذا وقد قسم البحث إلى مبحثين درسنا في المبحث الأول نشأة مدينة الحلة وتطورها خلال مدة البحث . أما المبحث الثاني فقد تم فيه دراسة الأحوال الاقتصادية وتأثيرها في بناء الحلة ، كما درست جغرافية مدينة الحلة ، واهمية موقع الحلة من الناحية الجغرافية ، ومؤثرات التضاريس في بنائها مدينة الحلة ، والزراعة في مدينة الحلة كما تطرق البحث الى الصناعة والتجارة في هذه المدينة وختم البحث بأهم الاستنتاجات التي توصل لها الباحث ، وقد اعتمدنا على عدد من المصادر والمراجع التي أشارت الى معلومات قيمة لها مساس بفقرات البحث منها ، أبو البقاء الحلي كان حياً 565هـ في كتابه المناقب المزيدية في الملوك الاسدية ، وكتاب ابن الجوزي (ت: 591هـ ) في كتابه المنتظم ، وابن جبير( ت:614هـ ) في الرحلة ، وياقوت الحموي( ت: 626هـ ) في معجم البلدان ، وابن الاثير( ت: 630هـ ) في كتابه الكامل ، وابن خلكان(ت:681هـ) في كتابه وفيات الاعيان وانباء ابناء الزمان ، وابن الفوطي ( ت: 723هـ ) في مجمع الاداب في معجم الالقاب ، وعبد الله الغياثي كان حياً 891هـ في كتابه التاريخ الغياثي ، ومن المراجع كتاب الامارة المزيدية لعبد الجبار ناجي وكتاب مدينة الحلة الكبرى ، صباح محمود الخطيب وكتاب تاريخ الحلة ليوسف كركوش وغيرها . وبالرغم من أهمية الموضوع الا ان ما كتب عنه كان شحيحاً الا ما جاء عرضاً والذي يبدو جلياً ان جل الكتابات عن مدينة الحلة وكيف انتقل اليها الامير صدقة بن مزيد الاسدي والاحوال الاقتصادية فيها ما هي الا مختصرات لابن الجوزي ، وابن الأثير .  

التنزيلات

منشور

2022-11-08