مفهوم "الأنس" في أنماط من الخطاب الأدبيّ العربي القديم
الكلمات المفتاحية:
الخطاب الادبي،الانس،انماط الخطاب، القديم.الملخص
نريد في هذا البحث الاقتراب من مفهوم يتواتر حضوره في أنماط من الخطاب العربي القديم، وبه نعني "الأنس". وقد رأينا أن تنطلق هذه المحاولة من النظر في الحقل الدلالي لهذه الكلمة في مجالها اللغوي انطلاقا من الفضاء الثقافي العربي القديم بدءا بالمعاجم اللغوية، وانعطافا على القران الكريم، وتوقفا عند تعريفه في الاصطلاح الصوفي... وإن هذا المفهوم في الفكر العربي الإسلامي كما هو معلوم يتشكل من خلال المشهد الدنيوي والمشهد الأخروي ، لذا سننظر في كيفية هذا التشكل من خلال التمييز بين الكينونة والشعور لتحقيق الأنس ومن ثم استكشاف كيف يتحقق الأنس من خلال المجالس الدنيوية متمثلة على وجه الخصوص في مجالس السمر. سلكا طريقين مختلفين. فالشعور يرتبط بالكينونة إذ لا يمكن أن ينشأ إحساس أو تتكون مشاعر إلا بوجود الكينونة التي تهيئ الارتباط مع الآخر والقرب منه ليتم تكوين الألفة والحميمية والارتياح، وفي المقابل فإن تكون الشعور في المشهد الأخروي ناتج عن كينونة بدون كائن أو كينونة بدن آخر ذلك أن هذا الشعور من سلوان وراحة وطمأنينة هي نتيجة الانعزال عن المجتمع والاستيحاش من البشر لتكون كينونة مختلفة عن الكينونة المرتبطة بالأنس في الحياة الدنيوية. تبرز قيمة الأنس في مجالس السمر من خلال تحقيق المرح والفكاهة والهزل إضافة إلى بعض القيم النفعية المتمثلة بالحكم والمواعظ المسداة في المجلس وما يلحقها من أخبار يتم تداولها بين مرتادي تلك المجالس.أثبت مقام القص والنادرة والمحادثة مفاهيم الأنس المرتبطة بالألفة والطمأنينة والفرح إضافة إلى مفاهيم أخرى تتصل بالأنس كالاستعلام والكشف والعلم. تخضع المجالس الدنيوية لقواعد محددة في تحقيق الأنس، فهو أولا وقبل كل شيء علاقة إنسانية يقيمها إنسان مع أقران يتوافق واياهم في المزاج والرغبة إذ تجمعهم علاقات الألفة والتوافق والارتياح فتتحقق الطمأنينة والبهجة والفرح.