المتعاليات النصية في شعر الجيل الستيني العراقي (اللوحات المصاحبة )انموذجا
الكلمات المفتاحية:
اللوحات المصاحبة , الجسد , المتلقي , التعالق النصي , التأويلالملخص
حققت المتعاليات النصية حضورها الفاعل في شعر الجيل الستيني ؛ لما يمتازوا به من أسلوب خاص وبعد دلالي وثراء معرفي له القدرة على تحقيق قراءة أخرى , ونظرا للأهمية التي اكتسبتها المتعاليات النصية التي أخذت على عاتقها بلورة محتوى النص واستنطاق العتبات النصية التي تهتم بكل ما يحيط بالنص من غلاف , عنوان , مقدمة , إهداء ، تصدير، لوحات مصاحبة ..الخ , إذ لم تعد العتبات مجرد واجهات توقع اعتباطا , وإنما أصبحت نصوص لها وزنها القرائي والتأويلي , بوصفها تُسهم في تقديم النص وضمان تلقيه , بحيث تجعل المتلقي يمسك بالخطوط الاساسية للنص , ويتمكن من فك شفراته والدخول إلى أعماقه ومعرفة قصدية الشاعر أو المؤلف الكامنة ورائه وتحليله تحليلاً عميقاً.
شكلت العتبات النصية استراتيجية فاعلة في فهم النص وإضاءة عوالمه وإدراك هويته ووجوده، وعلى هذا الأساس شغلت حيزا كبيرا من الدراسات النقدية العربية المعاصرة ، نظرا لما تحمله من غايات قرائية ذات أبعاد تأويلية في قراءة الأثر الأدبي والكشف عن دلالته الجمالية .
إن مرافقة الصورة للنصوص الكتابية أمراً مستحدثاً فرضته التطورات الطباعية والتقدم العلمي, فحفلت الذاكرة الفكرية للمبدعين كثيراً من النتاجات التي استعانت بصور وزخارف متنوعة, ذات ألوان وخطوط ورسوم معبرة, ومن هنا أصبحت اللوحة الفنية في المجموعات الشعرية ذات أهمية أدبية وتعبيرية , زد على ذلك تقديمها وظيفة جمالية وروحية تجذب المتلقي فكرياً وبصرياً, كما وتسهم في الوقت نفسه في اضفاء أجواء قرائية مشجعة ليس في زمانها فحسب , وإنما تنفتح على الزمكانية , وتكون مجددة للذهن تتنقل به عبر الأزمنة والأمكنة, , وقد أخذت موضوعة (الجسد ) حصتها من كل المعارف الاسطورية والدينية والثقافية , فدخل بكل ثقله إلى ساحة الدراسات التي دفعت به إلى الواجهة لتكشف عن ميوله ورغباته , لا سيما في نصوص الشعر الستيني .
إن اختيار شعر الجيل الستيني العراقي متناً للدراسة وفضاءً تُستنطق فيه عتباتهم الشعرية , لا سيما اللوحات المصاحبة التي تضمنتها متون مجموعاتهم , لم يأتِ من فراغ , فكان نتاجهم ذا وفرة عالية تنمي عن إندفاع واثق الخطى في صناعة مشهد شعري مميز يصعب مقاربته فيما لو اقتصر على متن واحد محدد , إذ مثّل هذا الجيل مرحلة جديدة في المسار الشعري لا سيما محاولاتهم المستمرة في زحزحة المفاهيم القديمة متجهين نحو آفاق جديدة توائم طموحاتهم وتتماشى مع حركة الحداثة الشعرية , فالناظر في صراع التحولات الشعرية يكاد يخرج بحقيقة مفادها بأن مشروعية أي مطلب حداثوي لا تنطلق من بنية المجتمع وتطلعاته نحو التغيير فحسب , بقدر ما تتأتى من التزاوج والاندماج الثقافي والفكري والتأثر والتأثير بالآخر ؛ لتحقيق سمة التمايز والتنوع ، فالإبداع ما هو إلا خروج عن كل مألوف , لذلك نجد أن شعراء الستينيات بحثوا عما يميزهم فكرياً وفنياً .