صورة البطل بين عنترة ودون كيشوت

الملخص

يهدف البحث إلى دراسة صورة نموذجية للبطل لدى كلٍّ من الشاعر عنترة بن شداد، ودون كيشوت، وذلك من خلال تجلّيات البطولة في جنسين أدبيين هما الشعر والرواية. كما يحاول هذا البحث الوقوف عند منشأ البطولة لدى كلٍّ من عنترة ودون كيشوت من حيث التكوين الواقعي من جهة، والتجسيدات الفنية للبطولة من جهة أخرى، وهنا تجدر الإشارة إلى أن مفهوم البطولة عند الشاعر عنترة بن شدّاد يكتسي ظلّاً واقعياً، بل مغرقاً في واقعيته، نظراً للمعطيات والظروف الحياتية التي واجهها، وجعلت من حياته معادلةً قوامُها التحدّي والنضال ببسالة للحفاظ على الذات، فهو في تحدٍّ أمام قوى الطبيعة وما تفرضه حياة الصحراء من جهة، كما هو في تحدّ ربما كان أكثر أهميةً، ونعني مواجهته لقيم وأعراف المجتمع آنذاك، والتي جعلت من عبوديته ولونه الأسود مثلبتين عليه تجاوزهما، وبالتالي نحن حيال شخصية شديدة التعقيد، إذ تتجاوز معاناتها الحيّز الطبيعي لأمثالها من البشر، وتدخل في حيّز آخر من الصراع، فعنترة لا يسعى للحياة بالمعنى البيولوجي، بل يريد أن يكون حرّاً، أي إن معاناته ضربٌ من الصراع الوجودي في مواجهة العبودية، ونضاله المستمر للحصول على الحرية، في حين أن مفهوم البطولة لدى دون كشوت إنما يتأسس على حوامل خيالية. وفي كلتا الحالتين نحن أمام مُنجَزين إبداعيين يحاول كلاهما أن يجسّد جانباً من فلسفة البطولة، وسنبين في البحث الحوار عند كلا الشخصيتين بنوعيه ( الداخلي والخارجي ) ، فالشعر العربي سبق الرواية الغربية بالحوار الداخلي والخارجي، وانتقل هذا اللون إلى الغرب من خلال الاطلاع على ثقافات العرب، وفي النهاية يبين البحث أن البطولة عند عنترة مزجت بين الواقعية والخيالية، أما بطولة دون كيشوت فهي من نسج الخيال .