الاجتزاء في القرآن الكريم

الملخص

يعد الاجتزاء مفهوماً يدل على معنى الاكتفاء وهو الاستغناء عن حرف الاكتفاء بحركة مناسبة له , الكسرة عن الياء المحذوفة والضمة عن الواو المحذوفة والفتحة عن الالف المحذوفة، وكان الإجتزاء بالكسرة عن الياء المحذوفة أكثر وروداً في القرآن الكريم، ومن فوائد الاجتزاء الدلالة على سرعة وقوع الفعل في معطى الشاهد، وسهولته على الفاعل، وشدة قبول المنفعل المتأثر به في الوجود كما انه اذا كان المقام مقام كليات فتؤخذ بالإثبات وإذا كان المقام مقام جزئيات فيكون فيه الاجتزاء، فضلاً عن فوائد اخرى, منها ما يدل فيه على محذوف مثل يوم الجزاء كما في (وأطيعون) أي يشار به الى محذوف غائب او كل ما غاب عن الادراك وما هو ملكوتي أخروي أو ملكوتي مثل (الجوارِ).ويفيد الاجتزاء في الدلالة على سرعة وقوع الفعل في مواطن الشاهد وسهولته على الفاعل وشد قبول المنفعل المتأثر به في الوجود ويستنبط من هذا أن فوائد الاجتزاء هي نفسها فوائد الحذف، فالعلاقة بينهما طردية تناسبية، ومن أمثلة الاجتزاء، قوله تعالى: ﭽ قُلْ يَا عِبَادِ ﭼ الزمر: ١٠، ﭽ قُلْ يَا عِبَادِيَ ﭼ الزمر: ٥٣، إن الاجتزاء بالكسرة عن الياء في الآية الأولى موطن الشاهد أنه للتشريف وتقوية الصلة بالله وكونهم غير محجوبين عنه تعالى ولا يوجد وسيلة بين الله سبحانه وتعالى وبينهم، وفي الآية الثانية موطن الشاهد هنا قد تم إثبات الياء تقوية لنسبة عبودية هؤلاء إلى الله تعالى، ومقام آخر حصل في قوله تعالى: ﭽ قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﭼ الكهف: ٧٠، وقوله تعالى: ﭽ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﭼ هود: ٤٦، ففي الآية الأولى حصل الاثبات في كلمة (فلا تسألني) من سورة الكهف لحرف الياء بعكس كلمة (فلا تسألنِ) في سورة هود، فقد حصل فها الاجتزاء بالكسرة عن الياء، فسر البلاغي في الاثبات في الآية الأولى موضع الشاهد أن العلم أو الأمر الذي نهى موسى () عن السؤال بشأنه لا يعلمه موسى () لكن العالم الذي علم موسى () وهو الخضر () يعلم هذا العلم وحدثه عنه فيما بعد، فأخبره فيما أُشكل عليه من الأمور الثلاثة التي فعلها العالم الخضر () بينما في سورة هود فقد حصل الاجتزاء في الياء لأن النهي هنا عن السؤال عن علم لم يعلمه نوح () بخلاف ما جاء في سورة الكهف.