اختيارات ابن أبي الربيع النحوية في تفسيره "سورة البقرة أنموذجاً "

الملخص

انصب اهتمام علماء اللغة العربية بخدمة القرآن الكريم، فظهرت الدراسات اللغوية المتنوعة من صوت، وصرف، ونحو، وبلاغة، ومعجم، وغيرها من الدراسات التي سجلت معارف العلماء في ميادين اللغة المختلفة، وبيان دقائقها والإحاطة بأساليبها، وكان من شأن العلماء ألا يقوم على تفسير القرآن الكريم أو إعرابه إلا عالم موسوعي عارف بلغات العرب متمكناً من قواعد اللغة العربية وأصولها، فكان ابن أبي الربيع واحداً من هؤلاء العلماء، إذ أعطى للنحو دوراً بارزاً في تفسيره من بيان، وترجيح لوجه، وتضعيف لآخر، مما كان سبباً في اختيار هذا الموضوع؛ لأن اختياراته النحوية تعد رافداً مهماً لإثراء الدرس النحوي، فضلا عن اختياراته الصرفية والبلاغية واللغوية، التي سنفرد لها بحثاً آخر. والبحث في اختياراته النحوية له أهميته، فكان العنوان: (اختيارات ابن أبي الربيع النحوية في تفسيره "سورة البقرة أنموذجاً")، واتسم تفسيره – رحمه الله - باختيارات نحوية نفيسة، تعطي درساً مهماً في طريقة اختيار الوجه النحوي، وكان ينظر إلى المعنى أولاً؛ ليرجح وجهاً محدداً، وهذا يدل على عظمة البناء الإلهي في كتابه العزيز، من إيراده للمعنى بصور مختلفة ضمن تركيب واحد، ومن اختياراته ما كان ينبني على مذهبه النحوي، إذ غالباً ما كان يميل إلى المذهب البصري عندما تكون المسألة فيها خلاف نحوي، وقام البحث على استقراء اختيارات ابن أبي الربيع النحوية من تفسيره، وتصنيفها على قسمين: القسم الأول، يتعلق بترجيحاته الإعرابية التي ليس فيها خلاف نحوي، والقسم الثاني، يتعلق بترجيحاته الإعرابية التي تتعلق بمسائل خلافية في النحو، ومن منهج البحث أن نذكر الآية الكريمة ثم نورد قول ابن أبي الربيع، ثم نعرض أقوال العلماء في المسألة المعنية؛ ليتسنى لنا معرفة مذهبه النحوي، وقد اعتمد رواية حفص (ت180ه) عن قراءة عاصم ابن أبي النجود (ت127ه). وتبين أنه أفاد ممن سبقه من المفسرين والمعربين، وتأثر بهم لكنه كان محافظاً على شخصيته العلمية المستقلة، فلم يكن ناقلاً متأثراً فقط، بل كانت له مآخذ على بعض النحويين من الأعلام، وهذا يدل على قوة علميته وسعة اطلاعه على أقوال المتقدمين، وقد كانت له تفردات في الإعراب مما يدل على علو باعه في هذا العلم. وقد أثبت البحث أنه ذو معرفة واسعة بالخلاف النحوي، وذو اهتمام في اختيار وجه وحد من وجوه محتملة؛ مما أعطاه أهمية كبيرة في الدرس النحوي إذ يمثل سجلاً حافلاً للاختيارات النحوية