التلاقح الفكري بين علماء الحلة ومراكز الدراسات اللغوية والنحوية

الملخص

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين . أما بعد كان لموقع الحلة الجغرافي الأثر الأكبر في الغموض الذي اكتنف الدرس اللغوي والنحوي وفقدان الحلقات التاريخية لمسيرة هذا الدرس فيها ، فكان من أهم أسباب اختفاء حلقات الدرس هو أن الحلة تقع في وسط المراكز العلمية التي تناوبت على مر العصور فيما بينها على قيادة الحركات الفكرية وإقامة الحضارات الإنسانية فكانت مراكز لجذب أصحاب الخبرات والكفاءات العلمية من المدن المجاورة لها سواء أكان ذلك على المستوى المحلي كمجاورتها للكوفة وبغداد و واسط والنجف وكربلاء أو على المستوى العالمي توسطها لبلاد الشام والجزيرة العربية وبلاد فارس و مصر ، كل ذلك أهلها لان تكون أرضا خصبة لإنجاب العلماء ورفد تلك المراكز العلمية على مر العصور ، وعندما تهيأت للحلة أسباب التطور الفكري والانتعاش الحضاري لاسيما في العصر الذي زالت فيه قيود حكم العباسيين البغيضة ، وفسح المجال أمام الفكر الإنساني المتحرر الواقعي المتمثل بمذهب أهل البيت عليهم السلام وظهور إمارة عربية إسلامية تحمل راية هذا المذهب الجليل ، بما توافر لها من أسباب القوة والعظمة من المال وكثرة الأتباع ولاسيما العلماء والأدباء ، أدى ذلك إلى ظهور مدرسة علمية عظيمة في الوقت الذي انهارت فيه القوى الحاكمة آنذاك ، فأصبحت الحلة وعلى مدى أربعة قرون مركزا للإشعاع الفكري فانتفعت منها المدن الإسلامية وحتى يومنا هذا.