الأطفال في الشعر العباسي

المؤلفون

  • ثائر سمير حسن الشمري

الكلمات المفتاحية:

دراسات انسانية، لغة عربية، أدب

الملخص

تعددت موضوعات الشعر في العصر العباسي تعدداً يجعلنا نكاد نقطع بأنَّ شعراء هذا العصر لم يتركوا مضموناً حياتياً فيه إلّا وتحدثوا عنه ، وأسهبوا في تفصيله، وتوضيح أجزائه وتحليلها، سواء أكان سياسياً أم اجتماعياً أم ثقافياً أم غير ذلك من موضوعات الحياة اليومية بتفصيلاتها جميعاً، وذلك لا يدلّ إلّا على عمق ثقافة الشاعر العباسي التي حصل عليها بسبب ما ناله العصر من المستويات الثقافية المتعددة، ولاسيما الترجمة وماصدر عنها من الفلسفة والمنطق، تلك الفلسفة التي جعلت عقل الشاعر العباسي قادراً على التحليل والتأويل، فضلاً عن تناول تفصيلات الحياة المتنوعة في شعره . وكان الأطفال أحد أهم تلك المضامين الحياتية التي تحدث عنها الشعراء العباسيون في قصائدهم، ولاسيما حين كانوا يرثونهم عند وفاتهم، غير أنّ رثاء الأطفال كان معروفاً منذ العصر الجاهلي، ولم يقتصر على شعراء العصر العباسي كما هو معلوم لدى الجميع . ولكن الرثاء لم يكن الموضوع الوحيد في تناول الأطفال، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى، لم ينصب اهتمام بحثنا على تلك الثيمة فحسب، بل يتعدّى الى ذكر الأطفال في الشعر العباسي الى أمور لم تكن مألوفة قبل العصر، وذلك ما سيتوضح من خلال الدراسة هذه ، لذا سنتحدث أولاً عن رثاء الشعراء العباسيين لأولادهم حين كانوا يموتون أمام أعينهم، لأنّ هذا المضمون هو الابرز من بين المضامين الأُخر التي سنتحدّث عنها لاحقاً . وربما يجدر بنا قبل تفصيل الحديث عن مضامين ذلك الرثاء، أنْ نشير الى قضية مهمة ومعروفة في الآن نفسه، وأعني بها اشتراك الشعراء العباسيين- الذين رثوا أبناءهم – جميعاً بصفة الحزن، فقصائدهم الرثائية كانت تطفح به (1) ، فغدا الحزن طابعاً مشتركاً بينهم، ورابطاً وثيقاً يربط تلك القصائد فيجعلها متشابهة من الناحية هذه ، كون رثاء الأبناء قضية انسانية لاتختلف المشاعر فيها كثيراً. ولايختلف اثنان في حدّة الحزن وشدّته لدى الشاعر الذي يموت ابنه أمام عينيه، فـ (( موت الولد صدع في الكبد لاينجبر آخر الأمد )) (2) ، كما يقول ابن عبد ربه، ولعلّ أوّل دليل يبدو لنا على حزن أولئك الشعراء الشديد لموت أبنائهم هو اكثارهم من ذكر اسم الطفل المتوفي أو كنيته، وذلك إنْ دَلَّ على شيء فإنما يدلّ على أنّ الصدمة كانت شديدة على اولئك الآباء الشعراء، فموت أبنائهم لم يكن متوقعاً، كونهم مازالوا أطفالاً، لذا فهم بعيدون عن سطوة الموت وسلطته حسب رؤية آبائهم، ولكنْ للموت رأي مختلف في هذا . وربما يكون الإكثار من ذكر أسماء الأطفال الذين ماتوا من لدن آبائهم في قصائدهم الرثائية دليلاً على أنّ اطفالهم ما زالوا ماثلين أمام أعينهم، وأنهم لم يموتوا حتى ولو كان ذلك من وحي أوهامهم وخيالاتهم، فأثر الصدمة كان شديداً عليهم من دون شك .  

التنزيلات

منشور

2022-11-08