ترجمة صفات الآلهة من أساطير العراق القديم إلى سفر التكوين في التوراة

المؤلفون

  • علي سداد جعفر

الكلمات المفتاحية:

دراسات انسانية، تاريخ، تاريخ قديم

الملخص

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد الصادق الأمين ، وعلى آله الطيبين الأطهار وصحبه الغر الميامين المنتجبين .أما بعد ..... فلابد لنا من الحديث عن أن الترجمة كانت في بداية الأمر ترجمة بسيطة ومتواضعة فقد كانت تلبي بشكل مقنع احتياجات الناس وعن ما كان يدور من أفكار بسيطة في أذهانهم وتلبي طموحهم في التجارة وتشبع رغباتهم في الأسفار وتنقذهم في الحروب. ففي تلك البداية لم يكن هناك ما يحكم الترجمة فهي بلا قواعد تحكمها ولا أسس تبنى عليها أصولها فهي من البساطة بحيث كانت لإشباع رغبات البشر وانجاز أعمالهم . والترجمة فروع ، أهمها الترجمة الدينية ، والترجمة الدينية هي فرع مهم من فروع الترجمة، وصنفت بأنها نوع له خصوصية عن باقي أنواع الترجمة فالاهتمام بها يجب أن يكون بشكل مختلف عن باقي الترجمات ، لأنها تهتم بنص إلهي مقدساً فإن لم يكن مقدس عند المترجم فهو مقدس عند غيره فيجب التعامل معه بشكل مختلف سواء أكان النص سماوياً أو غير سماوي فيجب أن يأخذ المترجم بنظر الاعتبار الاحترام لذلك النص ؛ فالنص المقدس هو نص منزه عند صاحبه . فالعهد القديم كتاب سماوي وهو الكتاب المقدس عند اليهود وعند غيرهم من أهل الديانات السماوية على الرغم مما يشوبه من تحريف ويشتمل على ثلاثة أقسام وهي التوراة ، والأنبياء ، والمكتوبات ، والتوراة תורה تعني بالعبرية التعليم أو التوجيه لاسيما فيما يتعلق بالتعليمات والتوجيهات القانونية والدينية ، وترمز التوراة للأسفار الخمسة الأُولى من الكتاب المقدّس اليهودي . وهي سفر التكوين ، والخروج ، واللاويين ، والعدد ، والتثنية . وهي لا تتكون من نظام تشريعي متكامل أو منظّم بل تتكون من خطوط فلسفية عريضة ذات علاقة بالدين اليهودي ، فضلاً عن احتوائها على كثير من القوانين والسنن الواضحة والمحددة التي تحكم تصرّفات البشر ، وتتشابه هذه القوانين التوراتية مع القوانين والسنن من الشرق الأدنى القديم . أن الديانة اليهودية التي دخلت عليها الطقوس الوثنية البابلية وغيرها لم تكتسب صيغة الضلال إلا في زمن متأخر , أي عند كتابة التوراة البابلية بعد فقدان الألواح في الأسر البابلي , وهذا هو العصر الذي يمثل البداية الأولى للديانة اليهودية ، لقد ظل توحيد العبادة لله معروفا وغالباً لدى اليهود ، وإن لم تخل هذه الأزمان من حدوث الشرك لدى كثير منهم كما حدث عند عبادتهم لعجل السامري في أيام موسى عليه السلام ، فالديانة اليهودية خليط مقتبس من الطقوس البابلية والمصرية والكنعانية . وكان اتجاه اليهود بعد وقوع الأسر البابلي يميل إلى التجسيم والتشبيه والانقسام والتعدد ، وبدأ هذا واضحاً في جميع مراحل تاريخهم , وذلك بتأثير الفكر البابلي في العقيدة اليهودية . أن مسألة الألوهية كلها سواء اتجهت للوحدانية أو للتعدد لم تكن عميقة الجذور في نفوس اليهود , فقد كانت المادية والتطلع إلى الأسلوب النفعي في الحياة أكثر ما يشغلهم ، فاليهودية تعنى بالأعمال الدنيوية أكثر من اهتمامها بالقضايا الإيمانية , ومجال تفكير اليهودية ليس في الإيمان بالغيبيات وما وراء الحياة الدنيا ، وإنما مجالها الأوحد هو العالم الحاضر. وقد تأثرت الحياة الاجتماعية لدى اليهود بالتعاليم الدينية المستمدة من الطقوس التي وضعوها متأثرين بالفكر الديني الوثني البابلي . إن اغلب أساطير العالم القديم هي قصص تتحدث عن الآلهة ، وتدور أغلب أحداثها حول صفاتها وأعمالها الخارقة للعادة ، وقد رأى بعض الدارسين أن الأساطير هي إنجازات روحية عظيمة ، وان كتّابها موهوبون وأصحاب فكر عميق ، و يرى آخرون أن الأساطير ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمناسك الدينية ، وإنها روايات خرافية تطورت لتفسير طبيعة الكون ومصير الإنسان وعقائده . وتأثر كتاب التوراة بتلك الأساطير وضمنوها في أسفارها عن طريق ترجمتها من نصوص الشرق الأدنى القديم في بلاد وادي الرافدين ، فتحدثت التوراة في بعض المواضع عن تعدد الآلهة متأثرةً بتلك النصوص ، ففي سفر التكوين الإصحاح (3) الآية (22) ، ذكرت الآية عن وجود أكثر من اله واحد بحسب الصيغة التي وردت فيها الآية . ونص الآية ( וַיֹּאמֶר יְהוָה אֱלֹהִים , הֵן הָאָדָם הָיָה כְּאַחַד מִמֶּנּוּ , לָדַעַת טוֹב וָרָע וְעַתָּה פֶּן־יִשְׁלַח יָדוֹ , וְלָקַח גַּם מֵעֵץ הַחַיִּים,וְאָכַל וָחַי לְעֹלָם ) ، (وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد) . وبذلك أصبح الإنسان بدرجة الآلهة ، وكذلك مشاركاً للرب في صفه من صفاته وهي معرفة الخير والشر .  

التنزيلات

منشور

2022-11-14