الثورات الأوربية في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر وتأثير العامل القومي في الوحدة السياسية ( دراسة تاريخية)

المؤلفون

  • نادية جاسم كاظم الشمري جامعة بابل مركز بابل للدراسات الحضارية والتاريخية

الكلمات المفتاحية:

القومية ، اورشتاد ، اكس لا شابيل، الثورة البولندية

الملخص

القومية   Nationlism : ايديولوجية وحركة اجتماعية سياسية نشأت مع مفهوم الامة في عصر الثورات ( الثورة الصناعية، والبراجوازية والليبرالية) في اواخر القرن الثامن عشر، والأسس التي تستند عليها القومية هي وحدة اللغة والتاريخ والثقافة وما ينتج من ذلك من مشاركة في المشاعر الوطنية  لا سيما اذا كانت الدولة مكونة من قومية واحدة فهذا بحد ذاته يشكل عامل قوة للبلاد وذلك لعدم وجود منازعات بين الفئات السكانية من الناحية العرقية ، اما اذا كانت الدولة تتكون من قوميات متعددة وعلاقاتها متوترة فان التنازع يؤدي الى ضعف الدولة القومية .

الثورة Revolution  تعبير عن مٌثل عليا وآمال كبيرة وثقة تامة مطلقة في قدرات الطبيعة الانسانية والامكانات الخلاقة للجنس البشري .انها الإجلال والتقدير لتفاؤل الروح الانسانية  المطلق ومحاولة لتثبيت وتجديد الذكريات والاساطير والاحلام عن عهد جديد ذهبي يعيش فيه الجميع بأنسجام وتناغم مع بعضهم البعض حيث يحدد كل منهم مصلحته الذاتية وفقاً لمصلحة الجميع(1).

قبل التحدث عن اندلاع الثورات القومية الأوربية في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر لا بد ان نتعرف عن اهم الاسباب التي ادت الى تأجيجها المتمثلة بالمبادىء والأفكار الحرة التي انبثقت عن الثورة الفرنسية French Revolution (2) ، اذ بلورت الشعور القومي لدى الشعوب التي عانت من الظلم والاستبداد وسلب الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واثارت هذه المبادىء قلق واستهجان الاسر والطبقات الحاكمة في اوربا ونتج عن ذلك سلسلة من الحروب الطويلة والتغيرات السياسية والاجتماعية في اوربا على مدى القرن المذكور وقد عبر المؤرخ الانكليزي بسياوم Basiaom عن الآثار التي أسفرت عن الثورة الفرنسية قائلاً : (( ان السياسية الاوربية في المدة ما بين (1789-1917) كانت الى حد بعيد صراعاً ضد الافكار والمبادىء التي حملتها الثورة الفرنسية))(3). والاضطربات السياسية وما رافقها من احتلال لبعض الدول ولا سيما حروب نابليون وحروب نابليون بونابرت Bonaparte Napoleon  (4) على مدى عشر سنوات اذ ان الاحتلال الفرنسي للولايات الألمانية كانت له نتائجه الايجابية في تأجيج الشعور القومي فقد هزم الجيش البروسي في معركتي يينا  Jena واورشتاد Aurested في الرابع عشر من تشرين الاول 1806الامر الذي اصبح مبعث الآم قوية في نفوس الولايات الالمانية ومعاناتهم في ظل الاحتلال جراء سياسة نابليون التعسفية وكبريائه الامر الذي حثهم على الاتحاد والتضامن من اجل انقاذ الولايات الالمانية من التسلط الاجنبي(5). فضلا عن دور المفكرين والمؤرخين والشعراء في تأجيج الشعور القومي في خلق جيل جديد متحمساً للافكار الثورية من خلال مؤلفاتهم التي بلورت افكارهم لتفعيل الثورات للتحرر من السيطرة الاجنبية على سبيل المثال المؤرخ الألماني دالمان Dalman الذي اصدر مؤلفات عدة عن تاريخ الولايات الألمانية ودعا الى الاتحاد والتضامن من اجل تحقيق الوحدة بين هذه الولايات ، وكان للشعراء دوراً مهماً في هذا المجال الذين تأثروا بآراء روسو والثورة الأمريكية وأيدوا المبادىء التي أكدت عليها الثورة الفرنسية في الحرية والاخاء والمساواة  من اشهرهم الشاعر الألماني ارنت Arnt الذي شجّع الشعب الألماني للقيام بالثورة ضد المحتلين الفرنسيين والى تحقيق الوحدة الشاملة(6).

ولا ننسى دخول الثورة الصناعية وتطور حركة النقل ساعد على سرعة اتصال الولايات الالمانية فيما بينها فانتشرت آفاق المعرفة والثقافة والصحافة التي عززت شعور الدول الاوربية بالحاجة الى الوحدة القومية، كما ان نمو الانتاج وظهور الطبقة الرأسمالية الألمانية أسهما في طريق الوحدة لان هذه الطبقة كانت ترغب بانشاء دولة المانية قوية تستطيع ان تحمي مصالحهم الاقتصادية من المزاحمة الأجنبية وان تكون قادرة على خلق نظام نقدي متين ومتماسك(7).

 ان السياسة والايديولوجيا في القرن التاسع عشر تكونت بتأثير الفرنسيين، اما بريطانيا فقد قدمت نموذجا لسكك الحديد والمصانع اللذان يمثلان المادة الاقتصادية المتفجرة التي فتحت البنى الاقتصادية والصناعية في العالم غير الاوربي على مصراعيه(8) .

يبدو مما سبق ان هذه الاسباب الفكرية والاقتصادية والسياسية ذات الحكم الاوتوقراطي المستبد تداخلت مع بعضها بصورة متسلسلة ومترابطة وأثرت على الواقع الأوربي بشكل فاعل التي ادت تأجيج الروح القومية بين الدول الأوربية وتبلورت باندلاع الثورة الفرنسية.

التنزيلات

منشور

2022-11-08