المستشارون صفاتهم- واجباتهم- حقوقهم واثر الشورى على الدولة في عهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه)

الملخص

     عمل الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) في مدة خلافته على وضع أسس لعدد من الأمور التي تخص شؤون الدولة وطريقة إدارتها، ومن الجوانب التي أولاها الإمام (عليه السلام) اهتمامه في إدارة الدولة وتقويم عمل ولاته ودولته هو موضوع المشورة واختيار المستشارين. إذ تعد الاستشارة من الجوانب الإيجابية عند عامة الناس، وعند القائمين على شؤون الدولة بخاصة، وهي من الأمور المشروعة، وتتمثل أهميتها في إدارة أمور خطرة في حياة الرعية، كالإفتاء، والقضاء بين الناس، وتدبير أمور المجتمع، ونحو ذلك.

     ويعد عهد الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) إلى واليه على اليمن مالك الأشتر(رضي الله عنه) دستور حكم يتوجب العمل به لكل من يدعي الإسلام بل يعد دستور حكم لغير المسلمين أيضاً، وذلك لما يحتويه من بنود وقوانين وتشريعات سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها، إذ ذكر فيه الإمام علي(عليه السلام)  جوانب مهمة جدا في تنظيم أمور الدولة وعلاقتها بالأفراد وعلاقة الحاكم بالمحكوم وواجباتهم وحقوقهم، كما احتوى العهد على ثروة كبيرة وغنية جدا بالمفاهيم والمصطلحات والقوانين والأحكام الشرعية مما يؤدي في حال تطبيقه إلى نظام دولة عادل واستقرار سياسي واجتماعي، ومن الأمور التي تضمنها عهد الإمام علي(عليه السلام) موضوع المشورة والمستشارين، وقد تطرق العهد إليها بصورة ضمنية أو مباشرة ومن ذلك قوله (عليه السلام):((ولا تدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر، ولا جباناً يضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزين لك الشره بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله)). ومن ذلك تم اختيار عنوان بحثنا هذا الموسوم: ((المستشارون ميزاتهم وواجباتهم وأثرهم على الدولة في عهد الإمام علي(عليه السلام) إلى مالك الأشتر(رضي الله عنه) )).

      وقد بني البحث على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة ثم قائمة بالمصادر والمراجع، تضمن المبحث الأول: معنى المستشار والمشورة في اللغة والاصطلاح والمميزات الواجب توافرها في المستشار في الدولة الإسلامية كما جاء في العهد، وتضمن المبحث الثاني: الواجبات التي يقوم بها المستشار ودوره في الدولة الإسلامية من خلال العهد، أما المبحث الثالث: فقد تناولنا فيه أثر المستشارين على الدولة العربية الإسلامية، ثم خاتمة البحث التي تضمنت أهم النتائج، تلتها قائمة بالمصادر والمراجع. ونأمل أن نكون قد وفقنا في تقديم جانب مهم من جوانب تقويم الدولة، والدفع بها نحو الاستقامة، ممثلة بالمشورة التي جاءت في عهد الامام علي(عليه السلام) لواليه على اليمن مالك الأشتر(رضي الله عنه). والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا وشفعينا النبي الأمين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين