الأنساق الثقافية في رواية الكافرة " للروائي علي بدر

الملخص

  ترك النقد الثقافي أثره في الساحة الأدبية والنقدية، لما أثاره على يد الناقد عبد الله الغذامي في كتابه " النقد الثقافي قراءة في الأنساق الثقافية المضمرة" ردود فعل وضجة ملأت الساحة النقدية العربية بالكثير من السجالات، كونه دعا إلى إحلال النقد الثقافي محل النقد الأدبي، وهذا يشير إلى قفزة ثقافية دوت صيحاتها وتوالت الى التأليف والبحث في هذا المجال لتتوالى صدور عدد من المؤلفات أغنت الادب والنقد، ونحن بدورنا نهتم بالبحث في هذا المجال الأدبي الثقافي وقع اِختيارنا على رواية " الكافرة" للروائي علي بدر، كونها من الروايات التي اهتمت برصد جزء من الواقع العراقي المسكوت عنه بعد عام 2003، ودراستنا تهتم برصد الأنساق المضمرة وتكشف الكثير عن الواقع الذي ضربه الإرهاب فنخر جسد الكثيرين من الأبرياء ليتصدع الجدار المبني ويكشف عن هشاشة الواقع المزري .

        ورواية " الكافرة " رواية جريئة في طرح العديد من الأنساق الفكرية المترسبة تحت أقنعة متعددة، فالواقع السياسي يموج بخلخلة واضطرابات نتيجة هيمنة الطائفية التي أضعفت النسيج الديني والاجتماعي ممّا هيّأ لظهور جماعات تدعي الدين وتنادي بعودة الخلافة الإسلامية فسيطرت على أجزاء متعددة من الأراضي العراقية، فاستعملت القوة والسلطة على تلك البقاع فأفسدت القيم الأصيلة ليحلّ : الفساد والهزيمة والتفكك وضعف البنية الاجتماعية، فهيمنت الأفكار والقيم التي تحملها تلك الجماعات المسلحة لتشيع ثقافة بديلة يسودها الرعب والخوف والقتل .  فالممارسات الخارجة عن أطر المجتمع التي صاغتها الجماعات المسلحة باتت مستمرة لتضمن تحول المجتمع وتطويعه، لذا هيمن نسق السلطة والعنف، والنص الروائي يهدف إلى تعرية المجتمع وإبراز الخلل والعيوب الكامنة فيه مثلما أبرز سلطة الرجل على المرأة، وتصوير المرأة كائنًا سلبيًا منكسرًا يعاني من الاستلاب وفعل التنميط الاجتماعي، مثلما أظهرت الفرق الشاسع بين الثقافتين العربية التي تجنح نحو فرض القيود وكبح الحرية والثقافة الغربية التي منحت الحرية لأفرادها، وهذا ما أظهرته شخصية فاطمة/ صوفي، فاطمة التي تحمل في داخلها الماضي بكل آلامه والانكسار الجسدي والنفسي، وصوفي التي تعيش الحاضر بعد أن خلعت حجاب الماضي .