العلاقات السياسية البروسية-الدانماركية 1815-1866( دراسة تاريخية)
الكلمات المفتاحية:
اوغستنبورغ، كوبنهاغن، مالمو، شونهاونسن، منسدروف، هيس دارمشتادالملخص
تعد دراسة موضوع العلاقات السياسية الدولية البروسية –الدانماركية في المدة ما بين (1815-1866) من الدراسات المهمة في تاريخ العلاقات الدولية كونها تسلط الأضواء على العلاقات البروسية-الدانماركية من الناحية السياسية واتخذت هذه العلاقات نمطين ، النمط الأول هو نمط تعاوني المتمثل بالأحلاف والروابط السياسية ، والنمط الثاني هو نمط صراعي انطلاقاً من دوافع ومحددات مثل القوة والنفوذ والمصلحة.
اوضحت الدراسة زيادة حدة النزاعات بين بروسيا والدانمارك منذ عام 1815حتى 1865 بسبب اختلاف المصالح والاهداف السياسية التي تطمح كل دولة لتحقيقها ، فالدانمارك بذلت كل جهودها من اجل ضم شلسفيغ وهولشتاين الى اراضيها ، علما ان هولشتاين كانت عضواً في الاتحاد الألماني حسب مقررات مؤتمر فيينا1815، بينما شلسفيغ خارجة عنه، اما بروسيا فقد كرست جميع مساعيها من اجل ضم هاتين الدوقيتين الى الوطن الام (المانيا) لا سيما بعد مطالبة المان الدوقيتين الانفصال عن الدانمارك والانضمام الى اخوتهم في الولايات الالمانية ، وكان للنزاعات بين الدانمارك والألمان فيما يتعلق بمصير هاتين الدوقيتين أثرها الفاعل في توتر العلاقات السياسية البروسية –الدانماركية ، وتأجيج النزعة القومية لدى القوميون الالمان الأحرار الذين رفعوا شعار بأن تصبح الولايات الألمانية قوية بزعامة بروسية وتحقق حريتها واستقلالها السياسي.
وكشف البحث انتهاج بروسيا سياسة مزدوجة وفقا لما تمليها مصالحها السياسية الاولى: استخدام القوة واكتساح اراضي الدوقيتين عام 1848 مما ادى الى توتر العلاقات البروسية الدانماركية ، وبسبب معارضة الدول الاوروبية لهذا الاكتساح اتخذت سياسة اخرى في عقد معاهدة سلام وتقديم مساعدة الاتحاد الكونفدرالي الالماني في اعادة الامن في شلسفيغ وهولشتاين، الامر الذي ادى الى تعزيز العلاقات السياسية البروسية –الدانماركية من جهة واثارة غضب الالمان في الدوقيتين الذين اتهموا البروسيين بالخيانة وعدم الاخلاص للوطنية الالمانية من جهة اخرى.
وبيّنت الدراسة عدم التزام الدانمارك بوعودها التي قطعتها في معاهدة لندن عام1852 التي كانت من اهم نتائج حرب شلسفيغ الاولى والتي نصت على بقاء الدوقيتين متحدتين ومحتفظتين بدستورهما ، وعلى عدم انضمام الدوقيتين إلى الدانمارك ، فضلاً عن تعهد ملك الدانمارك المساواة للألمان والدانماركيين في الدوقيات، ولكن ملك الدانمارك صادق على دستور جديد لبلاده عام 1854 تم بموجبه فصل دوقيه شلسفيغ عن هولشتاين ودمجها مع دولته ، وهذا يتناقض مع بنود تلك المعاهدة ، الامر الذي ادى الى توتر العلاقات السياسية البروسية –الدانماركية واندلاع حرب شلسفيغ الثانية عام 1864 بين القوات المزدوجة البروسية والنمساوية والقوات الدانماركية.
أوضحت الدراسة كيف مارس الساسة البروسيين دبلوماسية ماهرة في كسب الوقت لزيادة قوة بروسيا، السياسية والعسكرية وتسليح جيشها بالأسلحة الحديثة ، ومواصلة الحروب لإضعاف الدانمارك وانتزاع الدوقيات منها شلسفيغ وهولشتاين ولاونبرج، وتقوية علاقاتها السياسية مع النمسا وروسيا، واتضح ان القانون الوراثي في الدانمارك كان صراعاً مريراً، أدى إلى توتر العلاقات السياسية البروسية-الدانماركية ، ولم يكن اهتمام بروسيا نابعاً من فراغ، بل من الموقع الجغرافي للدولة البروسية حيث تحيط بها دول عدة وأن امكانية محاربة بروسيا على عدة جبهات أمر وارد في وقت واحد ، ومن هنا جاءت أهمية تعزيز علاقات البروسية-النمساوية أولاً للتخلص من عدو واحد الدانمارك بدلاً من الحرب ضد عدوين، وخاضت حرب شلسفيغ الثانية عام 1864 اسفرت عنها هزيمة القوت الدانماركية وانتصار القوات البروسية-النمساوية وأصبحت الدوقيات بإدارة مشتركة من بروسيا والنمسا ضمن تسوية غاشتاين في الرابع عشر من اب 1865، وبذلك أنهت هذه الاتفاقية العلاقات السياسية البروسية –الدانماركية من جهة ، ومن جهة اخرى أدت الادارة المشتركة لهذه الدوقيات الى توتر العلاقات السياسية البروسية –النمساوية ، لذلك اكملت بروسيا مشروعها الوحدوي بابعاد النمسامن السيطرة على الدوقيات ، ومن اجل خاضت معركة سادو عام 1866ضدها انتهت بهزيمة النمسا وضم الدوقيات الى الولايات الالمانية وبذلك حققت بروسيا وحدة الاراضي الشمالية الالمانية.