ألفاظ الوصايا العشر في العهد القديم دراسة لغوية تحليلية مقارنة بين اللغات السامية

الملخص

تعد الديانة اليهودية من أقدم الديانات التوحيدية التي ارتبطت بالنبوة والوحي المدون، فهي أول رسالة سماوية كتابية موحى بها. وقد تبلورت هذه الديانة بشكلها الكامل بعد خروج بني إسرائيل من مصر في حدود القرن الثالث عشر قبل الميلاد. فقد خرج بنو اسرائيل بقيادة النبي موسى (عليه السلام) من أرض العبودية (مصر)، بعد أن أقاموا فيها مدة اربعمائة وثلاثين سنة باتجاه أرض كنعان (فلسطين) هرباً من وجه فرعون وجنوده. وحطوا الرحال أولاً في صحراء سيناء بعد عبورهم البحر الأحمر بمعجزة سماوية كان للرب (يهوه) الدور الفاعل فيها. وفي تلك الصحراء المقفرة وتحديداً على جبل سيناء ، حيث تجلى الرب (يهوه) على قمة هذا الجبل المقدس، تلقى النبي موسى (عليه السلام) أول تشريعات سماوية قائمة على التوحيد الإلهي عرفها العالم القديم وشعوبه التي كانت غارقة بالعبادات الوثنية القائمة على مبدأ تعدد الآلهة وعبادة قوى الطبيعة وتقديسها. وقد عرفت هذه التشريعات السماوية بأسم (الوصايا العشر) أو (الكلمات العشر) ، إذ تضمنت ولأول مرة في تاريخ الخليقة وبحسب الإرادة الإلهية مجموعة من الأوامر والنواهي والتحريمات السماوية جاءت مبنية على اسس توحيدية واخلاقية واجتماعية دونت على لوحين من الحجر عرفا بـ (لوحا العهد) أو (لوحا الشهادة) حيث العهد الذي قطعه الرب (يهوه) مع النبي موسى . وبني اسرائيل في حفظ الوصايا والعمل بها. وقد اختصت الوصايا الأربع الأولى من الوصايا العشر في تحديد علاقة الإنسان بالرب : (أنا الرب إلهك ... لا يكن لك آلهة أخرى أمامي) . (لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة  ...) . (لا تنطق بأسم الرب إلهك باطلاً ...) . (أذكر يوم السبت لتقدسه ...) . أما الوصايا الست الباقية فقد اختصت في تحديد علاقة الإنسان بأخيه الإنسان : (أكرم أباك وأمك ... ) . (لا تقتل) . (لا تزن) . (لا تسرق) . (لا تشهد على قريبك شهادة زور ..) . (لا تشته بيت قريبك ...) . وبذلك فإن الوصايا العشر تكون قد احتوت في جوهرها على وصيتين جاءت بصيغة الأمر، فيما جاءت الوصايا الأخرى بصيغة النهي والتحريم. وقد اصبحت هذه الوصايا شريعة لبني اسرائيل وأحاطها حاخامات اليهود بهالة من القدسية والتبجيل على اعتبار انها النواة الأولى للديانة اليهودية. وقد تردد ذكرها في كتاب اليهود المقدس (العهد القديم).