العَلمانية في الفكر العربي (قراءة في إسهامات المسيحيين الاوائل في عصر النهضة العربية)
الكلمات المفتاحية:
النهضة العربية ، البستاني ، الشميل ، أنطون ، اسحاق ،العلمانيةالملخص
يُجمع الباحثون أن من أهم أسباب انطلاقة عصر النهضة العربية في القرن التاسع عشر في مختلف توجهاته الفكرية ، كان الاطلاع عن قرب على ما توصلت اليه الحضارة الغربية الحديثة ولاسيما بعد الاحتلال الفرنسي لمصر وبلاد الشام ، بعد أن مهدت للتعرف على التطورات الفكرية والعلمية في مختلف المجالات التي شهدتها فرنسا قبل وبعد ثورتها العالمية سنة 1789، ومختلف القراءات لذلك الاحتلال تجمع أنه أحدث صدمة ليس في مصر و أنما في البلاد العربية لاسيما في بلاد الشام ، والدليل على ذلك التعاون مع فرنسا بعد انسحابها وأرسال البعثات العلمية وتأسيس المطابع والنشاط الفكري والثقافي والتعليمي الغير مسبوق في البلاد العربية فكان حقاً أن يطلق عليها مصطلح النهضة العربية في كل توجهاتها المختلفة.
تمحور الانفتاح الغير مسبوق على الحضارة الغربية بثلاث اتجاهات نهضوية الأول طالب بالإفادة من الحضارة الغربية دون قيد أو شرط ومحاولة الانقطاع عن ماضي الامة الذي تمثله الدولة العثمانية ومن أبرز سماته التخلف والجهل والاستبداد ، وقرأ الاتجاه الثاني الموضوع بشكل مختلف وطالب التوفيق بين التراث وماضي الامة والافادة من الحضارة الغربية بما يناسب تطلعات البلاد العربية في التقدم والرقي واللحاق بركب الحضارة ، فيما رفض الثالث الافادة من الحضارة الغربية وعدها حضارة مادية أهم أغراضها السيطرة على البلاد العربية ونهب خيراتها وطمس ثقافتها لاسيما الدينية ووجهت تهم الالحاد والكفر الى أبرز مفكري عصر النهضة الاوربية ومن أيد أفكارهم بقوة وطالب بتطبيقها على البلاد العربية .
أهم المواضيع الخلافية نتاج الفكر النهضوي هي العلمانية ، لاسيما في معالجتها لنظام الحكم والدين والسياسة ومبدأ الحريات وحقوق الانسان وأول من تصدى لها جملة من المفكرين العرب المسيحيين في بلاد الشام ، هذه الورقة البحثية تناقش الافكار التي قدمها وناقشها عدد منهم بعيداً عن الانتماء الطائفي والقول بالتخوين والتكفير والالحاد، والبحث عن همهم وهل كان هَمَ الأمة جميعاً في التخلص من تبعات الجهل والتخلف والاستبداد؟ والبحث عن المشتركات التي تجمعنا والابتعاد عما يفرقنا ؟ ونحن بأشد الحاجة الى نهضة فكرية جديدة تنقذنا من هذا السبات والفراغ الفكري وطغيان الاستبداد السياسي والمالي المدعوم إعلامياً لتمزيق الامة أكثر مما هي ممزقة، لذلك علينا الافادة من دروس النهضة العربية في القرن التاسع عشر ومراجعاتها والتي أول حلقاتها المهمة الفكر المسيحي ورؤيته النهضوية.
تناولت الورقة البحثية تمهيداً مقتضباً عن دور المسيحيين في المجالات الثقافية المختلفة ، وأهم رواد الفكر النهضوي العربي في بلاد الشام من الطائفة المسيحية وهم كل من بطرس البستاني وفرنسيس المراش وشبلي شميل وفرح أنطون وأديب أسحاق.