الطائفية في جبل لبنان جذورها واسبابها حتى قيام نظام القائمقاميتين عام 1842م
الكلمات المفتاحية:
الطائفية, جبل لبنان, الدولة العثمانية, الدول الكبرى.الملخص
أخذت مسألة الصراع الطائفي في جبل لبنان حيز مهم من التاريخ الحديث والمعاصر؛ لما لذلك الصراع من مخرجات عسيرة على المنطقة بشكل عام وجبل لبنان بشكل خاص, ولم يكن ذلك الصراع وليد الصدفة بل جاء نتيجة تراكمات سياسية واجتماعية ألقت بضلالها على المجتمع اللبناني, وكان جبل لبنان ساحة للصراع بين الدول الاستعمارية مما أثر على النسيج الاجتماعي وذلك لأن تلك الدول عززت الاعتماد على الدين والطائفة لتجد الحماية مما وَلد تنافس بين الطوائف, رافق ذلك التنافس الاستعماري اعتماد الدولة العثمانية على سياسة الامتيازات التي منحت للدول الاستعمارية الأمر الذي جعلها تتدخل في شؤون جبل لبنان وتدفع المجتمع للاقتتال بهدف تنفيذ مخططاتها الاستعمارية, فضلًا عن أن الدولة العثمانية مارست سياسة خاصة تجاه جبل لبنان مغزاها التفريق بين الطوائف وبث الصراع بينهم ليسهل عليها اخضاع تلك المنطقة للحكم المباشر من قبل الحكومة العثمانية, لاسيما أن جبل لبنان كان له نظامه الخاص في اختيار حكامه دون تدخل الحكومة العثمانية , ومن الأمور التي عجلت الصراع الطائفي هو احتلال إبراهيم باشا لجبل لبنان عام 1831, حيث مارس سياسة طائفية من أجل اخضاع تلك القاع لسيطرته ويسهل عليه ادارته.
إن تلك العوامل آنفة الذكر يمكن عدها ابرز الأسس التي ساهمت في تجذير الصراع الطائفي في جبل لبنان وعامل رئيس في أن يتقوقع المجتمع اللبناني حول طوائفه, لاسيما أن التركيبة السكانية للمجتمع اللبناني معقدة ومتنوعة حيث يشتمل على عدد كبير من الأديان والطوائف والقوميات, وكان ذلك التنوع بحد ذاته أحد أهم الجذور في الصراع الطائفي, لاسيما لو ادركنا أن غالبية المجتمع كان يخضع لسلطة الاقطاعيين وتحكمه الطبقية التي كانت من مصلحتها أن ينقسم المجتمع ليسهل عليهم دعم مركزهم الاجتماعي.
تلك الأسس والعوامل ساهمت بشكل فاعل واساسي في دفع المجتمع اللبناني للصراع الطائفي الذي اكتوت به البلد حتى وصل الأمر أن تفرض الدول الاستعمارية على الدولة العثمانية تطبيق سياسة طائفية في جبل لبنان حينما تم فرض نظام القائمقاميتين عام 1842 الذي قسم جبل لبنان على اساس طائفي لتعاني بعدها تلك المنطقة وتزداد بين مجتمعها الاحقاد والاقتتال في ظل سيطرة من قبل الدول الاستعمارية والدولة العثمانية.