موافقات ابنِ عُصفور الإشبيلي للعلماء النحويين في كتابِ (تلخيص العبارة في شرح الإشارة) لتاج الدين الفاكهاني

الملخص

الحمدُ للهِ ذي العزَّة والجلال, والطَّولِ والإنعام, أحمده حمدًا يبلغ رضاه, ويوافي نِعَمَه ويُكافئُ مزيدَهُ, وأصلِّي وأسلِّم على خير خلقِ الله, محمدٍ بن عبد الله, وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعدُ:"

    الإشارة متنٌ نحويٌّ مهم لمؤلفٍ عالمٍ وفقيه وجليل, ونحويٌ بارعٌ ومُحدِّثٌ مِفضالٌ, دبَّجَهُ خدمةً للعلمِ وطلبته, تيسيرًا للعسير, وتقريبًا للبعيد, وتسهيلًا للصَّعبِ على طريقة علماء السَّلفِفي تيسير العلم لطالبيه, وبذله لراغبيه, ولم يكتفِ مؤلِّفه – رحمه الله- بتدبيج المتن وتقديمه لطلبة هذا العلم, بل شرحه شرحًا وضَّحَ فيه ألفاظَهُ, وبيَّن فيه مقاصده, وفكَّ فيه قيوده, وحلَّ فيه مشكله, ثمَّ قدَّمه هيِّنًا ليِّنًا لقرَّاء العربية وطلبة العلم كافَةً, فكان مغتسلًا باردًا وشرابًا بحقٍّ.

كفى بالتاج الفاكهاني شهرةً بين أهل العربية أنْ يكونَ الفاكهاني, وكفى بكتابه الموسوم بـ (الإشارة) أن يكونَ متنًا نحويًا, ومقدمة مهمة في علم النَّحو, عكف عليه الدارسون وانتفع به طلبة العلم المخلصون, وكفى بشرحه أن يكونَ بقلمِ مؤلِّفٍ عقليتُهُ العلميَّةُ, وثقافتُه الموسوعيَّةُ, وأسلوبُهُ التعليمي السَّهل الممتنع.

     " وفي كتابِ تلخيص العبارة في شرح الإشارةِ جُملَةٌ مِنَ المسائلِ النَّحوية التي تحتاجُ إلى العَرضِ والدِّراسَةِ والتَّمحيصِ , وهذا البحثُ هو مُحاولةٌ لمُناقشةِ موافقات ابن عصفور وآرائه النَّحوية المبثوثةِ في أثناءِ كتاب الإشارة, وغرضُنا مِنْ ذلِكَ هو الكشفُ عمَّا ذهبَ إليهِ عُلماءُ العربيةِ , وهل سلكوا في آرائهم مسلكاً علميًّا موضوعيًّا أو كانَتْ آراؤهم مُجرَّدَ انتقاداتٍ وميولٍ لآراءِ غيرِهم ليسَ إلَّا.

     كانت موافقات ابنُ عُصفور حاضرة في أغلب المسائل النحوية, في حين جاء اعتراضه على بعضٍ آخر منها, كان نقده بنَّاءً, يروم فيه إصلاح الخلل إن وُجِد مُسندًا آراءه بأدلةٍ مقنعةٍ, تثري الساحة النحوية قوة في النقل, وكانت أدلته كما نُقِلَت بهذا الكتاب هي عبارة عن كشف الَّلبس في المسائل النحوية, وما استند على رأيه من قبل العلماء الآخرين, والغاية من ذلك هو كشف الأوجه القريبة إلى الصّحة".