دلالة المنصوبات على المدح غير الصّريح
الكلمات المفتاحية:
دلالة، المنصوبات، المدح، غير، الصريحالملخص
في اللُّغة العربيَّة أساليب تعبيريَّةٌ يُفصحُ فيها المُتكلِّمُ للتعبير عن مشاعر انفعاليّة خاصَّة به، منها أسلوب المدح، ويتفق النحويون على أنّ هذا الأسلوب قائم على أركان ثلاثة (فعل المدح وفاعله والمخصوص به) فبنوا قواعدهم على هذه الأركان. وأطلقوا عليه (المدح القياسي).
ولكن الأمر لا يقتصر على هذا الأسلوب وأركانه في بيان المدح عند العرب، فثمّة تراكيب لغوية فصيحة تعبِّر عن المدح بصورة غير صريحة تُفهم في سياقها التي وضعت فيه، ذكرها العلماء على أنَّها مدح، ولكن لا تدخل ضمن المدح الصَّريح القياسيّ عندهم، فهم لم يفردوا لها باباً خاصَّاً، وهذا البحث يتناول جانباً من جوانب المدح غير الصريح في باب المنصوبات، وتحت عنوان ((دلالة المنصوبات على المدح غير الصَّريح)). لقد ركَّز النَّحو العربيّ منذُ نشأتهِ بالمعنى في وضع الأَحكام النَّحويَّة، فـ ((كانَ النَّحوُ عندَ علمائِنا الأَوائِلِ نظامًا متكاملًا من الرُّموز والعلامات التي تدلُّ دلالات لفظيَّةً ومعنويَّةً على المعنى الذي يَنْوي العربي التعبير عنهُ... ولم تكن الألفاظ عند النُّحاةِ الأَوائِل هي المقصودةَ وعليها مدارُ بحثِهم كما يتصوَّرُ بعضُ الباحثين، بل هي أدواتٌ للتَّعبيرِ عنِ المعاني التي يقصدونها)). ولم يفتِ النَّحويون في تقعيدهم للقواعد النحويَّة العلاقة القائمة بين ما تكلمت به العرب وما أّرادتهُ من العِلل والأغراض والمقاصد المنسوبة إليها، فقصدُ المُتكلّمِ يُؤثرُ في ضبطِ الوظائفِ الإعرابيَّة وتحديدها على الوجه الذي ينبغي أّنْ تكون لهُ.
إنَّ النَّحو العربيّ قد جَمَعَ إلى حدّ كبيرٍ بين المظهر والدّلالة، فلم تكن دراستُهُ قائمةً على ضبط أَواخر الكلمات التي تتألَّفُ منها الجملةُ تبعًا لقوانينِ الإعرابِ فحسبُ، بل تعدَّت إلى بيانِ أغراضِ المتكلمينَ في تأليفِ الجُملِ وما يجبُ أن تكون عليهِ الكلماتُ في الجملةِ.
قدَّم النُّحويون القدامى ملاحظاتٍ جديرة وإشاراتٍ سديدة عن المدح الصّريح -القياسيّ وغير القياسيّ- في دراستهم للنحو، فبنوا كثيراً من المفاهيم النَّحويَّة في المدح القياسيّ وغير القياسيّ على أساس القاعدة النَّحويَّة.