سورة الشمس قراءة في البعد اللغوي والأخلاقي
الكلمات المفتاحية:
سورة، شمس، البعد، لغة، الأخلاقالملخص
يعدُّ موضوع الأخلاق من المواضيع التي أثارت اهتمام الباحثين قديما وحديثا، بل إنَّ اهتمامهم بها يمتد من الثقافة القديمة المتمثلة بالفلسفة اليونانية، إذ أبدى سقراط في فلسفته اهتماما بالإنسان وسلوكه، وأثار مشكلات كثيرة في المحيط الأخلاقي، ما زالت تشغل بال أهل الفكر حتى العصر الحاضر، فقد أراد بناء الأخلاق على العقل، ووضع أسسها على قواعد ثابتة، وألغى رد الأخلاقية إلى سلطة خارجية، فأطلق مقولته المشهورة: (الفضيلة علم، والرذيلة جهل).
أمَّا القرآن فيمكن القول إنّه كتاب أخلاقي، يدعو إلى الفضيلة بكل معانيها، بعدما يقود الإنسان نفسه إلى المصدر الأوّل وهو الله سبحانه، ومن هذا المفهوم انطلقت من سورة من سور القرآن الكريم، وهي سورة الشمس؛ لإيضاح ما اكتنفته من مسار أخلاقي يدفع إلى بناء الإنسان كما أرادته القيم السماوية الجليلة، بعدما أوضحت له السبل التي توصله إلى المراتب العليا التي اختارت أن يكون فيها، على أنّ البحث جاء في جزء من هذه السورة التي بلغ عدد آياتها خمس عشرة آية، فأخذ البحث الجزء الخاص في الأخلاق من هذه الآيات، وهي الآيات العشر منها.
لقد بيّن البحث أنَّ الله فطر الإنسان على الفطرة السليمة، (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) وهداه النجدين، فإما شاكرا وإما كفورا، ويتحقق الشكر بتزكية النفس، والابتعاد عن دسِّ خيرها وأعمالها الرفيعة؛ لأنَّ الغاية هو رفع قيمة الإنسان إلى المكانة التي كانت غاية خلقه، فاتضح من البحث أنّ الربا مثلا فيه زيادة مادّية واضحة تتمثل بزيادة المبلغ المعطى، لكنه من جهة أخرى يعدُّ منقصة معنوية؛ فهو يحط من قدر الإنسان وقيمته بما يرتكبه من معصية جاءت باستغلال جهود الآخرين من غير تعب أو بذل جهد يذكر. على حين تكون الزكاة خسارة مادّة؛ فهو تخريج للمال الزائد فينقص من مقداره، لكنّ القرآن أظهر أنّه ذو قيمة معنوية يُفلح بها الإنسان ويرتفع إلى مقام يراد له أن يكون فيه. وظهر ذلك من التأصيل للمعاني اللغوية التي جاء بها القرآن الكريم في هذا المعنى، على أنّ لم يكتف البحث برأي المفسرين سواء أكانوا المتقدمين أم المتأخرين أم المحدثين، إنما أخذ علم الأخلاق، وعلم النفس مجالا فيه؛ لما لهذين العلمين من أثر واضح لا يمكن تغافله في توضيح المراد من الآيات، وقد كان للمصادر الأجنبية إضافات طيبة تدعم ما يمكن أن يذهب إليه أهل التفسير والأخلاق.
سورة الشمس من السور المكية، وهي مائتان وسبعة وأربعون حرفا، وأربع وخمسون كلمة، وخمس عشرة آية([i]).
إنَّ المسائل المرتبطة بعلم الأخلاق كثيرة جدا، وسنقف هنا على المسائل التي أشار إليها القرآن الكريم في سورة الشمس، وبعض الآيات الأخر المتعلقة بذلك؛ إذ تعدُّ سورة الشمس من أكثر السور التي تحدَّثت عن الأخلاق، فقد وضعت مجموعة من القواعد المرتبطة بعلم الأخلاق وفلسفته.
[i] - الكشف والبيان عن تفسير القرآن:10/212