الأوبئة والكوارث والانعكاس السياسي للمفهوم في الأدب العبري الحديث (دراسة نقدية)
الكلمات المفتاحية:
وباء، كارثة، عازف هاملين،البير كامو، الطاعون الاسود، كورونا، حرب أكتوبرالملخص
مُنذ الخليقة والإنسان ذاك الكائن الذي يتحرك في الطبيعة، مُوَثِقاً في كتاباتهِ الأدبيةِ أحاسيسهِ وكل ما تُلقيه عليه من سخاء وما تفرض عليه من كوارث وأوبئة. وقد وثّق الأدب في مختلف الشعوب هذه الحالة؛ فصارت شكلاً عالمياً مهماً عند الحاجة في معرفة التاريخ التربوي لتلك الشعوب، راصداً من خلاله تنقلات مجتمعاته في نواحي اجتماعية واقتصادية وسياسية بشكلٍ عام. ومن خلال هذه العلاقة وما تُمثله من إنعكاس على نواحي الحياة جاءت حاجتنا في بحثنا هذا لنقف عند هذا الرصد في الأدب العبري كواحد من الآداب التي وثقت هذه الظاهرة وعلى مر العصور، مع التركيز على مرحلته الحديثة. وهنا فإن موضوع الوباء والكارثة قد اتخذ شكلاً من الانفراد والتداخل ليكون المقصود أمراً أخر يساوي في وقعه وأثره قوة الوباء أو الكارثة وفي بعض الأحيان يكون المقصود الوباء بعينه؛ نتيجة لمعصية أو عقاب يحل بهم جراء عمل ارتكبوه، طبقاً لما ورد في أدبيات العهد القديم وحسب تعليقاتهم وتفسيراتهم أو أن فعل الخير مرتبط عندهم في صدقاتهم لتجنب كل وباء يجعل من حياتهم مهددة بالفناء. وفي بحثنا في النتاج الادبي للأدب العبري في مرحلته الحديثة تبين لنا أن الادب العبري الحديث منذ بداياته حرص على ترجمة الأعمال الادبية التي تتناول موضوع الوباء وربما كان السبب في ذلك هو الرغبة في الانفتاح على ثقافات الاخرين وجعل الادب العبري يعتلي منصة الاهتمام بموضوعاته التي تندد بفساد المجتمعات التي كانوا يعيشون فيها كما تبين ومن خلال البحث أن مفهوم الوباء والكارثة تأثر وانعكس سياسياً من خلال الأحداث التي عاشها اليهود في العصر الحديث قبل قيام (إسرائيل) فالمذابح في روسيا وأحداث النازي كانت تمثل كارثة من خلال الأثر الذي تركته فيهم وهكذا عبر أدباهم من خلال كتاباتهم عن حجم الكارثة التي تركتها فيهم من قتل وتدمير على حد وصفهم. أما بعد قيام ( إسرائيل) فقد كانت رواية الطاعون لالبير كامو محطاً للأهتمام حيث ترجمت 1953 كونها تتناول مرض الطاعون الذي حدث في الواقع، ولكن استخدم الأديب مفهوم الطاعون، كمرآة لمجتمع يعاني من أزمات خانقة، وهنا فإن اختيار العمل المترجم ليكون وثيقة تاريخة لتتفق مع أحداث التاريخ التي يزعمون بأنهم واجهوا كارثيتها على يد هتلر. كما مثلت حرب أكتوبر أعظم الكوارث التي وصِفت في كتاباتهم فهي كادت تودي بهم جيعاً وما زالوا يعبرون في كتاباتهم عن قلقهم ورهبتهم من تلك الحرب. ومما تقدم في هذا الجانب فإننا نجد أن تناول موضوع الكارثة أو الوباء جاء ضمنياً وظاهرياً بإنعكاس سياسي بهدف تعزيز الجوانب المأساوية والكارثية وهو ما ورد في نتاج أدباءهم. وهكذا تشاركت كل الافكار الدينية والسياسية في قالب الأدب ووضِّفتْ من خلال مفهوم سياسي للأوبئة والكوارث بالإضافة الى المعنى الحقيقي المجرد لها.