الاستفهام البلاغي في رواية السمّان والخريف للكاتب نجيب محفوظ

الملخص

       لقد تميزت اللغة العربية عن سائر اللغات الأخرى بتعدد أساليبها وتنوع أغراضها مما جعل الكلام يصل إلى المتلقي بأيسر الألفاظ وأدق التعابير لتكون منجذباً لكل راغب لها. ومن هذه الأساليب أسلوب الاستفهام الذي يُعد من الأساليب الشيقة والرائعة في البلاغة العربية، وهو من الأساليب الإنشائية الطلبية التي يبحث عنها البلاغيون، لما له من أهمية لدى المتكلم  ليعبر عما يُريد من مشاعر ورغبات تدل على المعرفة وبحثه للشيء المكنون في داخله.

      وبدت جماليات الاستفهام واضحة في روايات نجيب محفوظ الذي يُعد واحداً من أبرز كتّاب العرب في القرن العشرين، والذي شكل علامة فارقة في انتاجه الفني، ومعالجته قضايا المجتمع، وعلى الرغم من كثرة الدراسات التي تخص أسلوب الاستفهام إلا أنّه لا توجد دراسة تناولت الاستفهام البلاغي في روايات نجيب محفوظ.

      ولهذا فقد سعت الدراسة من خلال المنهج الوصفي التحليلي لدراسة الاستفهام البلاغي في رواية السّمان والخريف لألقاء الضوء على أبرز جماليات الاستفهام المجازي وتحليله، وبيان توظيفه والاستفادة منه في تعزيز فكرته وايصالها للمجتمع.

      وقد توصلت الدراسة أنّ الكاتب استطاع أنّ يوظف الاستفهام بطريقةٍ ساعدته على شد المخاطب وإيصال فكرته عن طريق الاستفهام المجازي، فالكاتب هنا لم يقصد بطرحه لتلك الاسئلة البحث عن شيء مجهول بالنسبة له، أو حقيقة غابت عن باله، وإنما قصد من وراء ذلك دلالات كثيرة لها معنى يحمله السياق العام للرواية، وخصوصاً أنّه كتب الرواية بدلالات رمزية، فالصورة التي كشفها الكاتب تجري عما حدث في مصر في ثورة 1952م، فكانت تلك الاستفهامات التي أوردها عن حال المجتمع وظروف البلاد القاسية والتأكيد على معالجة الواقع  بعد الاحداث، وقد حمل الاستفهام في طياته اغراض كثيرة توزعت على التعجب والتهكم والتوبيخ والتحسر والإنكار والتقرير والحيرة والاضطراب، وكثير من الاغراض التي وردت في الرواية، ووجدنا في الرواية  تتداخل بين هذه الاغراض  فكان التقرير مع التوبيخ والتقرير مع التعجب. فكان الكاتب يسعى إلى الوصول لغايته بأنسب وأسرع طريقة لحقق مبتغاه.