الأوجه النحوية بين الحال والتمييز في القرآن الكريم

المؤلفون

  • أنور رحيم جبر جامعة بابل / كلية التربية الإنسانية / قسم اللغة العربية دكتوراه دراسات لغوية قرآنية وزارة التربية

الكلمات المفتاحية:

أوجه التشابه في قواعد اللغة العربية

الملخص

يعدُّ الحال والتمييز من المتشابهات في النحو العربي ، في مجال المنصوبات النحوية ، و البحث يكشف عن أوجه الفرق بينهما من ناحية المعنى السياقي النحوي للجملة ، إذا كانت تحتمل المعنى النحوي الحالي أو المعنى النحوي للتمييز . إذ يعدُّ الحالُ والتمييزُ فَضَلةً من فضلات الجمل في النحو العربي على حسب ما يرى بعض النحاة ، ووجهة البحث تجد ضرورة توضيح مفهومِ الفضلةِ عند النحاة ، فقد كانوا يشيرون إليها بإشارات سريعة ، ومن تلك الإشارات نلحظ منها ، الفضلة هي الخلاف العمدة ، فالعمدة: هي ما لا يستغنى عنه كالفاعلِ ، والفضلةُ ما يمكن الاستغناء عنه كالمفعولِ به فيجوز حذف الفضلة إن لم يضر في معنى الجملة ، وما زَاَدَ على ركني الإسناد كالمفعولِ والحالِ والتمييزِ، نحو: ضربتُ زيدا ، وجَاَءَ زيدٌ ضَاحكا ، وغَرَسْتُ الأرَضَ شجرا . واعترض بعض النحاة على كون الحال فضلة ؛ لأنَّ الفضلة إنما تجيئ بعد تمام الكلام ويستغنى عنها ، والحال قد لا يتم الكلام إلا بها ، من حيث المعنى النحوي ودلالة الكلام لا تتم إلا به ، فلا يستغنى حينئذٍ عنها ، فيصبح من عمد الكلام التي لا يستغنى عنها في الجملة . وهذا الرأي مما يميل إليه البحث ، لقوة الدلالة النحوية للحال ، إذ لا يمكن الاستغناء عنه في الجملة لوضوح الدلالة النحوية به فلا يتم المعنى إلا به . ومما سَبقَ يتبين كون الاسم فضلةً في الكلامِ إنما يرتبط ببناءِ هذا الكلام واستيفاء ركنيه الأساسيين (المسند والمسند إليه) ، فالغرض من الكلامِ هو حصولُ الفائدةِ ، فإذا لم تحصلِ الفائدة لم يكن كلاما ، وإنْ وجد ركناه ، فلما توقفت صحة المعنى عليه عُدَّ من أحد الركنين ، فالحال في تلك الأمثلة المذكورة آنفاً لا يتم الكلام إلا بها ، فهي إذن جزء من احد ركني الجملة ، فضلاً عن أنَّ الحال قد تجيئ من المبتدأ كما هو مذهب سيبويه ، ووافقه السيرافي ، وصححهُ ابن مالك ، وهو أحد ركني الإسناد . فعلى هذا يتحدد مفهوم فضلة الحَالِ التي أَشارَ إليها النحاةُ ، ولعلهم لم يريدوا بقولهم إنَّ الحَالَ فضلةٌ في الكَلامِ أنَّ الحالَ لا معنى لها ولا فائدة تحتها ، وإنما المراد بذلك احتمال أن تكون الحال حكمها أنْ تأتي بعد كلام لو سكت عنه المتكلم لاستقل بنفسهِ . فالحال لا يمكن عدّه من فضلات النحو العربي لقيام المعنى النحوي عليه ، فعند حذف الحال تصبح الجملة غير تامة المعنى فقوله تعالى  فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ  (النمل:19) ، فقوله  فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا فكلمة ضاحكا ، هي حال مفردة في هذه الجملة ، وهي تبين حال وهيئة النبي سليمان  عند خطاب النملة له ، وهو شيء من الإعجاز القرآني ، فهذه القصة عن الحوار والخطاب بين النبي سليمان والنملة ، شيء من الاعجاز القرآني ، وعند حذفها يختل المعنى النحوي ، وضياع الإعجاز في هذه القصة القصيرة بين النبي  والنملة. وهذا دليل واضح وقاطع على أن الحال يعدّ من عمدِ الكلام وليس من فضلاته . وكذلك في التمييز قوله تعالى قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّا  (مريم:4). فقوله وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبا ـفـقوله (شيبا) : هي تمييز منصوب ، وواضح في الآية الكريمة ، وعند حذفه يختل المعنى النحوي ، ويصبح غير واضح المعنى فيعتبر التمييز ايضاً من عمد الكلام لقوة المعنى النحوي ، واعتماد معنى الجملة عليه ، وعند حذفه يختل معنى الجملة .  

التنزيلات

منشور

2023-10-31