الأوجه النحوية بين الحال والتمييز في القرآن الكريم
الكلمات المفتاحية:
أوجه التشابه في قواعد اللغة العربيةالملخص
يعدُّ الحال والتمييز من المتشابهات في النحو العربي ، في مجال المنصوبات النحوية ، و البحث يكشف عن أوجه الفرق بينهما من ناحية المعنى السياقي النحوي للجملة ، إذا كانت تحتمل المعنى النحوي الحالي أو المعنى النحوي للتمييز . إذ يعدُّ الحالُ والتمييزُ فَضَلةً من فضلات الجمل في النحو العربي على حسب ما يرى بعض النحاة ، ووجهة البحث تجد ضرورة توضيح مفهومِ الفضلةِ عند النحاة ، فقد كانوا يشيرون إليها بإشارات سريعة ، ومن تلك الإشارات نلحظ منها ، الفضلة هي الخلاف العمدة ، فالعمدة: هي ما لا يستغنى عنه كالفاعلِ ، والفضلةُ ما يمكن الاستغناء عنه كالمفعولِ به فيجوز حذف الفضلة إن لم يضر في معنى الجملة ، وما زَاَدَ على ركني الإسناد كالمفعولِ والحالِ والتمييزِ، نحو: ضربتُ زيدا ، وجَاَءَ زيدٌ ضَاحكا ، وغَرَسْتُ الأرَضَ شجرا . واعترض بعض النحاة على كون الحال فضلة ؛ لأنَّ الفضلة إنما تجيئ بعد تمام الكلام ويستغنى عنها ، والحال قد لا يتم الكلام إلا بها ، من حيث المعنى النحوي ودلالة الكلام لا تتم إلا به ، فلا يستغنى حينئذٍ عنها ، فيصبح من عمد الكلام التي لا يستغنى عنها في الجملة . وهذا الرأي مما يميل إليه البحث ، لقوة الدلالة النحوية للحال ، إذ لا يمكن الاستغناء عنه في الجملة لوضوح الدلالة النحوية به فلا يتم المعنى إلا به . ومما سَبقَ يتبين كون الاسم فضلةً في الكلامِ إنما يرتبط ببناءِ هذا الكلام واستيفاء ركنيه الأساسيين (المسند والمسند إليه) ، فالغرض من الكلامِ هو حصولُ الفائدةِ ، فإذا لم تحصلِ الفائدة لم يكن كلاما ، وإنْ وجد ركناه ، فلما توقفت صحة المعنى عليه عُدَّ من أحد الركنين ، فالحال في تلك الأمثلة المذكورة آنفاً لا يتم الكلام إلا بها ، فهي إذن جزء من احد ركني الجملة ، فضلاً عن أنَّ الحال قد تجيئ من المبتدأ كما هو مذهب سيبويه ، ووافقه السيرافي ، وصححهُ ابن مالك ، وهو أحد ركني الإسناد . فعلى هذا يتحدد مفهوم فضلة الحَالِ التي أَشارَ إليها النحاةُ ، ولعلهم لم يريدوا بقولهم إنَّ الحَالَ فضلةٌ في الكَلامِ أنَّ الحالَ لا معنى لها ولا فائدة تحتها ، وإنما المراد بذلك احتمال أن تكون الحال حكمها أنْ تأتي بعد كلام لو سكت عنه المتكلم لاستقل بنفسهِ . فالحال لا يمكن عدّه من فضلات النحو العربي لقيام المعنى النحوي عليه ، فعند حذف الحال تصبح الجملة غير تامة المعنى فقوله تعالى فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (النمل:19) ، فقوله فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا فكلمة ضاحكا ، هي حال مفردة في هذه الجملة ، وهي تبين حال وهيئة النبي سليمان عند خطاب النملة له ، وهو شيء من الإعجاز القرآني ، فهذه القصة عن الحوار والخطاب بين النبي سليمان والنملة ، شيء من الاعجاز القرآني ، وعند حذفها يختل المعنى النحوي ، وضياع الإعجاز في هذه القصة القصيرة بين النبي والنملة. وهذا دليل واضح وقاطع على أن الحال يعدّ من عمدِ الكلام وليس من فضلاته . وكذلك في التمييز قوله تعالى قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّا (مريم:4). فقوله وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبا ـفـقوله (شيبا) : هي تمييز منصوب ، وواضح في الآية الكريمة ، وعند حذفه يختل المعنى النحوي ، ويصبح غير واضح المعنى فيعتبر التمييز ايضاً من عمد الكلام لقوة المعنى النحوي ، واعتماد معنى الجملة عليه ، وعند حذفه يختل معنى الجملة .التنزيلات
منشور
2023-10-31
إصدار
القسم
Articles