أثر أساليب الإنشاء في التشكيل الفني للقصيدة في ديوان أسامة بن منقذ

الملخص

تعرَّض الشعر العربي على مر العصور والأزمنة للتغيرات والتبدُّلات التي استهدفت صَعِيدَيْهِ المضموني والفني؛ حيث خضع للكثير من الأنماط التجريبية التي أسهمت في بلورة قضاياه واتجاهاته، حتى أصبحت القصيدة العربية خليطًا من الإبداع الفكري والفني معً( ).كما يُعَدُّ الشعر العربي تشكيلًا لغويًّا يؤدي الخيال به دورًا مهمًّا، حيث يتخذه الشاعر وسيلةً للتصوير، ويستطيع من خلاله نقل عواطفه ومشاعره للآخرين بأسلوب جميل ومناسب. ويرتقي التشكيل الفني بالنفوس فيأخذها إلى عالم المتعة الفنية التي يستطيع الشاعر أن يضفيها إلى شعره. وقد سُمِّي الشاعر شاعرًا لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره، فإن لم يستطع الشاعر توليد معنى ولا اختراع كان إطلاق اسم الشاعر عليه على سبيل المجاز وليس الحقيقة( ). وقد تنوَّعت الدراسات التي استهدفت الشعر العربي بشكلٍ عام؛ حيث رصدت الظواهر الفنية والتشكيل الفني لتلك القصائد. وتُعَدُّ تجربة ابن منقذ في كتابة الشعر من التجارب الغنية من حيث تنوُّعُ الموضوعات والثراء الفني الذي يحتويه ديوانه، فهو من الشعراء الذين ذاع صِيتُهم في العصر الأيوبي، لذا جاء هذا الفصل ليتناول أثر الأساليب الإنشائية- سواء أكانت طلبية أم غير طلبية- في التشكيل الفني لقصائده، وسنتعرُّف في المبحث الأول على أثر تلك الأساليب في الأغراض الشعرية في ديوان ابن منقذ، الذي تناول خمسة أغراض تراوحت بين الغزل والمديح والرثاء والأوصاف، وأبياتًا صُنِّفَت خصيصًا في الكِبَر والشَّيْب. كما سنتناول في المبحث الثاني من هذا الفصل الحديثَ حول أثر الأساليب الإنشائية على الصورة الفنية في قصائد ابن منقذ، وأما المبحث الثالث فسيناقش أثر أساليب الإنشاء في المعنى والدلالة عند ابن منقذ، حيث تتغير دلالة الأساليب بتغير السياق والغرض المساق له، وذلك لأن تلك الأساليب تخرج عن معناها الأصلي إلى معان بلاغية أخرى تحدث هذه التغيرات.