الخطاب الحسيني بين معيارية اللغة وآليات التأثير في المتلقي
الكلمات المفتاحية:
الإمام الحسين. الخطاب. التواصل. الإشباع. الاقتصاد اللغويالملخص
وبالرغمِ من أن طبيعةَ الخطابِ في كلامِ الإمامِ الحسينِ(u) طبيعةٌ إخباريَّــةٌ؛ إذ القصدُ منه خلقُ تواصلٍ أخباريٍّ بينَه(u) وبينَ المتلقي، لكننا يمكنُ أنْ نلمسَ منه فعلاً قائمًا على الإخبارِ المرادُ منه الطلبِ وإن لم يكن تصريحًا بذلك، ذلك أنَّه يحملُ بينَ طيَّاتِه فعلاً تأثيريًّــا، يسعى إلى استثارةِ المتلقي والتأثير فيهِ، ومن عواملِ التأثير في المتلقي أن يُتحَرَّى في الخطابِ الوسائل الجماليةِ التي تزيد من وقعِه في النفسِ، وتدفعها إلى متابعتِه والانفعالِ به، فيكونُ خطابًا أدبيًّا خلاّقًا، وأخلاقيًّا تأديبيًّا في الوقتِ نفسِه، ولاشكَّ في أنَّنا ندركُ أنَّ للمتكلِّمِ أثرًا في إظهارِ المعاني التي يريدُ إيصالَها للمخاطَبِ من خلالِ توسّــلِه بمجموعةٍ من الوسائلِ لتحقيقِ ذلكَ، ولتكونَ هذه الوسائلُ ملمحًا أدائيًّا، يستعينُ بهِ المتكلّمِ ليعبّــرَ بها عن مواقفِه، ودلالاتِ خطابِه، وتكشفُ في الوقتِ نفسِه عن ميلِ الذاتِ إلى الرغبةِ في الترويحِ والتفريغِ عمَّا يختلجُ فيها من مشاعرَ إنسانيةٍ مختلفةٍ, والبحثُ يتتبَّعُ هذهِ الملامحِ في الخطابِ الحسيني ويحلِّلُها وصولاً إلى الكشفِ عمّا وراءَها من جمالٍ للغةِ، وفعلٍ مؤثّرٍ في المتلقّي في الوقتِ نفسِه.
وهذه المواضعُ التي تحرَّاها البحثُ، والتِي لا شكَّ في أَنَّها صادرةٌ عمَّن لا يُمكنُ أَنْ يُشَكَّ في فصاحتِه، ومقدارِ علمِه وبلاغتِه، تُظهرُ أنَّ اللغةَ لا يمكنُ أنْ تنحصرَ بالقوالبِ التركيبيةِ، أو الاستعمالية، أَو البُنى الصَّرفيةِ التي ذكرَها اللُّغويون، وجعلُوها مناطَ قياسِهم، وما سوى ذلكَ فهوَ لغةٌ أَو ضرورةٌ، وبمعنى آخر يكشفُ البحثُ عن أنَّ اللغةَ استعمالٌ مهما كانَ شكلُها، طالما أنَّ الجماعةَ اللغويةَ قد قبلتْ بها، وارتضَتِ استعمالَها، فلا معنى – إِذن - لأن تنحصرَ في استعمالٍ دونَ آخرَ، ولا في بنيةٍ دونَ أخرى، أمَّا معيارُ فصاحةِ الكلامِ من عدمِها فيبقى معيارًا يكشفُ عن رأيٍ نحويٍّ أو رأيٍ لُغويٍّ في بيئةٍ لغويةٍ معيَّنةٍ، وضمنَ مرحلةٍ تاريخيةٍ معيَّنةٍ أيضًا، لذا ففي المقياسِ العامِ لا الضرورةُ ضرورةٌ ولا اللهجةٌ لهجةٌ، إِنَّما الاستعمالُ هو الحاكمُ.